ولعل فيما هو حادث اليوم في البلاد الأوروبية من تبدل الأنظمة والحكام وشكل الحكومات الدليل المقنع على زوال سطوة القانون من نفوس الأفراد، ولو استمر الحال على ذلك لذهبت كل قيمة للقوانين الوضعية، وأصبحت لا تساوي أكثر من الورق الذي كتبت عليه.

ويجب أن لا ننسى الشريعة الإسلامية لله إنما هي تقرير للواقع والمنطق، فمن يؤمن بأن الدين الإسلامي من عند الله وجب عليه أن يؤمن بأن الشريعة الإسلامية من عند الله، لأن الشريعة هي بالذات القواعد التشريعية للدين الإسلامي، جمعت أحكامه من عبارات، ومعاملات، وأحوال شخصية، وجنايات، وغير ذلك.

وليس الغرض من الشريعة خدمة فرد أو هيئة أو جنس أو نظام معين، وإنما وجدت الشريعة لخدمة بني الإنسان كافة على اختلاف ألوانهم وألسنتهم ومناهجهم، كما وجدت لإقرار المساواة والعدالة بينهم، ولتيسير أمورهم. فنسبتها إلى الله لا تفيده جل شأنه شيئاً لأنه غني عن خلقه، وإنما تفيد هذا المجتمع الضال الهداية والاستقرار، وتعود عليه بالاطمئنان والثقة، وتؤدي به إلى الحياة الطيبة القائمة على المحبة والإيثار والمساواة والعدالة.

48 - الجرائم التأديبية أو الأخطار الإدارية: لم يفرق الفقهاء بين الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية أو الأخطار الإدارية كما يفرق بينهما شراح القانون اليوم. والعلة في ذلك ترجع إلى طبيعة العقوبات في الشريعة من ناحية، وإلى تحقيق العدالة من ناحية أخرى. فالجرائم في الشريعة إما أن تكون جرائم حدود، أو جرائم قصاص، أو جرائم تعازير، والخطأ الإداري إذا لم يكن جريمة من جرائم الحدود أو القصاص فهو جريمة من جرائم التعازير، فإذا كون الخطأ الإداري جريمة يعاقب عليها بحد أو قصاص عوقب عليه بهذه العقوبة، ومحاكمة الجاني جنائياً ومعاقبته بالعقوبات المقررة لجرائم الحدود والقصاص تمنع من محاكمته تأديبياً وتوقيع عقوبات تأديبية عليه، لأن هذه العقوبات التأديبية لن تكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015