تفكير الناس وإيقاظ عقولهم، ويدعوهم بشتى الوسائل إلى التفكير في خلق السموات والأرض وفي خلق أنفسهم وفي غير ذلك من المخلوقات، ويدعوهم إلى التفكير فيما تقع عليه أبصارهم وما تسمعه آذانهم؛ ليصلوا من وراء ذلك كله إلى معرفة الخالق، وليستطيعوا التمييز بين الحق والباطل.
ونصوص القرآن التي تحض على استخدام العقل وتحرير الفكر لا تعد كثرة، منها قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164] ، وقوله: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ: 46] وقوله: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} [الروم: 8] ، وقوله: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [يونس: 101] ، وقوله: {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ* فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 5 - 7] ، وقوله: {أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ* وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ* وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17 - 20] ، وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] ، وقوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} [آل عمران: 7] .
ويعيب القرآن على الناس أن يلغوا عقولهم، ويعطلوا تفكيرهم، ويقلدوا غيرهم، ويؤمنوا بالخرافات والأوهام، ويتمسكوا بالعادات والتقاليد دون تفكير فيما يتركون وما يدعون، وينعي عليهم ذلك كله، ويصف من كانوا على هذه الشاكلة بأنهم كالأنعام بل أضل سبيلاً من الأنعام؛ لأنهم يتبعون غيرهم دون التفكير ولا يحكمون عقولهم فيما يعملون أو يقولون أو يسمعون، ولأن العقل هو الميزة الوحيدة التي ميز الله بها الإنسان على غيره من المخلوقات، فإذا ألغى