ميزت الرجل على المرأة درجة في قوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] ، وقد بين القرآن حدود هذه الميزة أو الدرجة التي أختص بها الرجل في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] ، فبين ذلك أن الدرجة هي درجة الرئاسة والقوامة على شئونهما المشتركة.
ولا شك أن الرجل وهو المكلف طبقاً للشريعة بالإنفاق على المرأة وتربية الأولاد والمسئول الأول عن الأسرة أحق بالرئاسة والقوامة على شئون الأسرة المشتركة، لأن مسئوليته عن هذه الشئون تقتضي أن يكون صاحب الكلمة العليا فيها.
فالسلطة التي أعطيت للرجل إنما أعطيت له مقابل المسئولية التي حملها ليتمكن من القيام بمسئولياته على خير وجه، وهذا تطبيق دقيق لقاعدة شريعة عامة هي القاعدة التي تقول: "السلطة بالمسئولية"، تلك القاعدة التي جاءت بها الشريعة لتحكم علاقة أصحاب السلطة بغيرهم، ولتبين مدى سلطتهم ومسئوليتهم والتي قررها الرسول عليه السلام في قوله: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها".
وإذا كان للرجل درجة على النساء في شئونهما المشتركة، فإن الرجل لا يتميز على المرأة في شئونهما الخاصة، وليس له عليها أي سلطان، فهي تستطيع مثلاً أن تتملك الحقوق وتتصرف فيها دون أن يكون للرجل ولو كان زوجاً أو أباً أن يشرف عليها أو يتدخل في أعمالها.
وقد سوت الشريعة الإسلامية بين الرجل والمرأة على الوجه السابق من يوم نزولها أي من ثلاثة عشر قرناً تقريباً في وقت لم يكن فيه العالم مهيئاً للتسوية بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، فلم تكن حاجة الجماعة هي التي دفعت