أما فى مذهب أبى حنيفة فالمال المكتسب حال الإسلام يرثه الورثة المسلمون إذا مات أو قتل أو لحق بدار الحرب وقضى باللحاق أو المال المكتسب حال الردة فيراه أبو حنيفة فيئًا, ويراه أبو يوسف ومحمد ميراثًا, ولا خلاف فى المذهب أن مال المرتد الموجود فى دار الحرب سواء اكتسبه قبل الردة أو بعدها فهو فئ إذا ظُهر عليه (?) .
والفرق بين مذهب أبى حنيفة والمذاهب الأخرى يرجع إلى الخلاف على تفسير ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث الكافر المسلم, ولا المسلم الكافر", فالمذاهب الثلاثة لا تجعل مال المرتد لورثته لأنه كافر وهم مسلمون, وأبو حنيفة وأصحابه يتأولون فيقولون إن مال المرتد مال مسلم لأن الردة كالموت فى إزالة سبب الملك, فإذا ارتد شخص فإن الردة تعتبر بالنسبة لماله موتًا فهو مسلم قد مات فيرثه ورثته المسلمون.
ويتفق مذهب الشيعة الزيدية مع مذهب أبى حنيفة ورأى أبى يوسف ومحمد (?) , ويرى مذهب الظاهريون أن مال المرتد لورثته الكفار إن كان له ورثة, فلا هو فئ ولا هو ميراث لورثته المسلمين (?) .
ويعتبر أبو حنيفة لحاق المرتد بدار الحرب فى حكم موته إذا قضى القاضى بلحاقه لأن اللحاق بدار الحرب بمنزله الموت فى حق زوال ملكه عن أمواله المتروكة فى دار الإسلام؛ لأن زوال الملك عن المال بالموت حقيقة لكونه مالاً فاضلاً عن حاجته لانتهاء حاجته بالموت وعجزه عن الانتفاع به, وقد وجد هذا المعنى فى اللحاق, لأن المال الذى فى دار الإسلام خرج من أن يكون منتفعًا به فى حقه لعجزه عن الانتفاع به, فكان فى حكم المال الفاضل عن حاجته, لعجزه عن قضاء حاجته به, فكان اللحاق بمنزلة الموت فى كونه مزيلاً للملك (?) .