جاء الإسلام موجها لاستصلاح الناس فيما يتعلق بشئونهم في دينهم ودنياهم، واعتبر الإسلام كل عمل من أعمال الخير عبادة ودعا الإنسان إلى أن يستعمل نعمة الله في تحسين العلاقات بينه وبين الناس ابتغاء لمرضاة الله مع المحافظة على حقوقه نفسه ومن يلوذون به.
وحث على العمل والكفاح لكسب العيش مقترنا بالعمل للآخرة فقد علم الإسلام معتنقيه أن كل عمل من أعمال الدنيا من صميم الدين مادام الباعث عليه حب الخير والحرص على الإنتاج الصالح النافع ومصلحة الجماعة وأن العبادة إذا شغلت عن إصلاح شئون الدنيا والعمل المنتج فيها فليست بعبادة وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى رجلا منقطعا للنسك والزهد وسمع من أصحابه ثناء عاطرا عليه من تلك الناحية فقال لهم: "من ينفق عليه؟ ". قالوا أخوه. فقال: "أخوه أعبد منه".
وفي هذا المعنى الكثير من الآثار الإسلامية التي ألهبت جذوة النشاط والسعي الكادح بين المسلمين في شئون الدنيا النافعة ليتقربوا بذلك إلى الله سبحانه ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصوم ولا الصلاة قيل فما يكفرها يا رسول الله قال الهموم في طلب العيش".
ولذا فإن مفهوم كلمة دين في القرآن الذي عبر عن الإسلام بالدين في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} تشمل صلة الإنسان بربه وصلته بنفسه