وبالمحافظة عليها تنظم شئون الأفراد والجماعات.
وتلك هي المقاصد الخمسة الدين والنفس والعقل والنسل والمال فمهما تنوعت الشرائع واختلفت القوانين فإنها ترمي بأحكامها إلى المحافظة على هذه المقاصد التي عني القرآن بها فوضع من أصول الأحكام ما يحفظ كيانها ويكفل بقاءها ويدفع عنها ما يفسدها أو يضعف ثمرتها.
ثم جاءت السنة تشرح وتفصل وتبيِّن وتكمِّل وتضع للاجتهاد والاستنباط نماذج يحتذيها أولو الأمر فيما يجِّد من الحوادث.
فالدين لابد منه للإنسان الذي يسمو في معانيه المشخصة له عن الحيوانية إذ التدين خاصة من خواص الإنسان ولابد أن يسلم له دينه من كل اعتداء فللمحافظة على الدين وضع القرآن قواعد الإيمان وفرض أنواع العبادات من الصلاة والصوم والحج ثم حاطها بما يمنع عوامل الشر والفساد أن تعبث بها أو تمتد إليها.
فأوجب عقوبة من يعتدون على الدين أو يصدون عن سبيله.
والمحافظة على النفس هي المحافظة على حق الحياة العزيزة الكريمة.
والمحافظة على النفس تقتضي حمايتها من الاعتداء عليها بالقتل أو قطع الأطراف أو الجروح الجسيمة كما أن من المحافظة على النفس المحافظة على الكرامة الإنسانية بمنع السب والقذف وغير ذلك من كل أمر يمس كرامة الإنسان وللمحافظة على النفس أباح القرآن جميع الطيبات وأحل البيع والشراء والرهن والإجارة وما إليها من المعاملات ثم شرع ما يمنع الاعتداء عليها فأوجب القصاص وفرض الديات.
والمحافظة على العقل حفظه من أن تناله آفة تجعل صاحبها عبئا على المجتمع ومصدر شر وأذى للناس. وهي تتجه إلى أن يكون كل عضو من أعضاء المجتمع الإسلامي سليما يمد المجتمع بعناصر الخير والنفع فإن عقل كل عضو من أعضاء المجتمع ليس حقا خالصا له بل للمجتمع حق فيه باعتبار أن كل شخص لبنة من بنائه إذ يتولى بعمله سداد خلل فيه فمن حق المجتمع أن يلاحظ سلامته.
وللمحافظة على العقل أباح الشارع كل ما يكفل سلامته ويزيد نشاطه وحرم ما يفسده ويضعف قوته.
ومن أجل ذلك حرم شرب الخمر وتوعد عليه.
ثم وكل أمر العقوبة الزاجرة فيه إلى بيان النبي صلى الله عليه وسلم.