الثالث عشر: أن معرفة أبي المعالي وذويه بحال هؤلاء الأئمة، الذين اتفقت الأمة على إمامتهم، لا يكون أعظم من معرفتهم بالصحابة والتابعين، بل بنصوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد رأيت أبا المعالي في ضمن كلامه، يذكر ما ظاهره (?) الاعتذار عن الصحابة، وباطنه جهل بحالهم، مستلزم إذا طرد الزندقة والنفاق، فإنه أخذ يعتذر عن كون الصحابة لم يمهدوا أصول الدين، ولم يقرروا قواعده فقال: "لأنهم كانوا مشغولين بالجهاد والقتال عن ذلك" (?)، هذا مما في كلامه، وهذا إنما قالوه لأن هذه الأصول والقواعد التي يزعمون أنها أصول الدين، قد علموا أن الصحابة لم يقولوها، وهم يظنون أنها أصول صحيحة، وأن الدين لا يتم إلا بها وللصحابة - رضي الله عنهم -أيضًا- من العظمة في القلوب ما لم يمكنهم دفعه، حتى يصيروا بمنزلة الرافضة القادحين في الصحابة، ولكن أخذوا من الرفض شعبة، كما أخذوا من التجهم بشعبة (?)، وذلك (?) دون ما أخذته المعتزلة من الرفض والتجهم، حين غلب على الرافضة التجهم، وانتقلت عن التجسيم إلى التعطيل والتجهم، إذ كان هؤلاء نسجوا على منوال المعتزلة، لكن كانوا أصلح منهم وأقرب إلى السنة وأهل الإثبات في أصول الكلام، ولهذا كان المغاربة الذين اتبعوا محمد بن التومرت المتبع لأبي المعالي، أمثل وأقرب إلى الإسلام من