الوجه السادس والخمسون:
أن نقول: قولكم يستحيل اجتماع الصوتين في المحل الواحد، وأثبتم ذلك شاهدًا وغائبًا.
ومن المعلوم أن وحدة الباري عندكم لا تناسب (?) وحدة غيره، وليس هذا (?) عندكم كوحدة الأجسام، فليس (?) عندكم في الشاهد ما هو واحد من كل وجه إلا الجوهر الفرد عند من يقول به، فقولكم بعد هذا يستحيل اجتماع الصوتين المختلفين في المحل الواحد وقتًا واحدًا، بهما يستحيل اجتماع اللونين مع أنه لا واحد يفرض (?) ذلك فيه شاهدًا إلا الجسم، وذلك مستلزم لكون الجسم واحدًا، فيقال: هب أن الجسم لا يقبل اجتماع صوتين مختلفين، كما لا يقبل معنى واحدًا يكون أمرًا ونهيًا وخبرًا واستخبارًا، فهلا قلتم: إن الواحد الذي ليس بجسم يمكن اجتماع أصوات فيه، كما قلتم: إنه يقوم به معنى واحد هو حقائق مختلفة؟ فلما قيل لكم: كيف يعقل هذا؟
قلتم: يعقل ذلك بالدليل الموجب (?) لقدمه المانع من كونه متغايرًا مختلفًا، كما يعقل متكلم هو شيء واحد ليس بذي أبعاض.
ومعلوم أن الأدلة الدالة على قدم الكلام عند التحقيق لا تفرق (?) بين المعاني والحروف، وإنما فرقتم لمعارض إخراج الحروف عن ذلك،