الوجه الحادي والعشرون:
أنَّه تعالى قال: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (?)، فنفى عنهم التكذيب وأثبت الجحود، ومعلوم أن التكذيب باللسان لم يكن منتفيًا عنهم، فعلم أنَّه نفى عنهم تكذيب القلب، ولو كان المكذب الجاحد لِمَا عَلِمَه يقوم بقلبه خبر نفساني لكانوا مكذبين بقلوبهم، فلما نفى عنهم تكذيب القلوب، علم أن الجحود الَّذي هو ضرب من الكذب والتكذيب بالحق المعلوم، ليس هو كذبًا في النفس ولا تكذيبًا فيها وذلك يوجب أن العالم بالشيء لا يكذب به، ولا يخبر في نفسه بخلاف علمه.
فإن قيل: العالم بالشيء العارف به قد يؤمن بذلك وقد يكفر، كما (?) قال الله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيقَنَتهَا أَنْفُسُهُمْ} (?) وذلك مثل المعاندين من المشركين وأهل الكتاب، وليس كفرهم لمجرد لفظهم، فإنهم