فَعَلُوهُ فِي الْزُّبُرِ} (?) فقد علم أن الَّذي في الزبر إنما هو الخط المطابق للعلم، فبين الأعيان وبين المصحف (?) مرتبتان، وهما (?): اللفظ والخط.
وأما الكلام نفسه فليس بينه وبين الصحيفة مرتبة، بل نفس الكلام يجعل في الكتاب، وإن كان بين الحرف الملفوظ والحرف المكتوب فرق من وجه آخر، إلَّا إذا أريد أن الَّذي في المصحف هو ذكره والخبر عنه مثل قوله: {إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}، إلى قوله: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (?).
فالذي في زبر الأولين ليس هو نفس القرآن المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - فإن هذا القرآن لم ينزل على أحد قبله - صلى الله عليه وسلم - ولكن في زبر الأولين ذكر القرآن وخبره، كما فيها ذكر محمد - صلى الله عليه وسلم - وخبره، كما أن أفعال العباد في الزبر، كما قال تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} (?)، فيجب الفرق بين كون هذه الأشياء في الزبر، وبين كون الكلام نفسه في الزبر، كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} (?)، وقال تعالى: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} (?).
فمن قال: إن المداد قديم فقد أخطأ، ومن قال ليس في المصحف كلام الله وإنما فيه المداد الَّذي هو عبارة عن كلام الله فقد أخطأ، بل القرآن