أضاؤوا الشموع وبهروا العقول، فكان لهم دور كبير في النهضة العلمية لهذا العصر وما تلاه من عصور، كابن تيمية -رحمه الله- فمن طالع مؤلفاته وما أثرى به المكتبة العربية والإسلامية رأى النضوج الفكري، ومقايسة الأقوال بمقياس الكتاب والسنة، بعيدًا عن التقليد والتبعية التي مني بها علماء عصره، فكانت محل خلاف بينه وبينهم، فالشيخ -رحمه الله- يتبع الدليل ولا يهمه القائل كائنًا من كان، فإذا استقام القول مع منهجه في الاستدلال أخذه وقبله وحث عليه، وإلّا رده وحذر منه.
وأختم الكلام على الناحية العلمية بذكر بعض ما قاله العلماء المعاصرون للشيخ -ممَّا يدل على غزارة علمه في كل فن، وعمق تفكيره، واستقلاله، وكثرة مطالعته:
يقول الذهبي -فيما نقله عنه ابن عبد الهادي: ". . . صنف التَّصانيف، وصار من كبار العلماء في حياة شيوخه، وله من المصنفات الكبار التي سارت بها الركبان، ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كراس وأكثر، وفسر كتاب الله تعالى مدة سنين من صدره أيَّام الجمع، وكان يتوقد ذكاء، وسماعاته من الحديث كثيرة، وشيوخه أكثر من مائتي شيخ (?)، ومعرفته بالتفسير إليها انتهى، وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقيمه (?) فيما يلحق