وكذلك ما ورد من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما شبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك" (?).

وفي الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "ألم تري أنَّ قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم؟ "، فقلت: "يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ "، قال: "لولا حدثان قومك بالكفر لفعلتُ"، فقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -: "لئن كانت عائشة - رضي الله عنها - سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أُرَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك استلام الركنين الذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم" (?).

هذه الأحاديث وغيرها تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مُشَرِّعًا بالترك، وأن الصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا ينقلون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الترك كما كانوا ينقلون عنه الفعل سواء بسواء، وما ذاك إلا لما استقر في أذهانهم أن ذلك تشريع للأمة وبيان للأحكام، وأن الترك يتعلق به أحكام شرعية وثواب وعقاب وتكليف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015