ككلام بقية البشر بل كلامه معصوم، قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
ومعلومٌ أن التكاليف الشرعية ما هي إلا طلب فعلٍ أو تركٍ، وغالب تلك التكاليف ما عُلم إلا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث إنّ القرآن لم يحتوِ على كثيرٍ من الأحكام المفصلة؛ بل تعرض لها إجمالاً، وبينت السنة ذلك الإجمال، وفسرته بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أمر معلوم، لا يخفى على أحد.
وكما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا بقوله فقد كان مشرعًا بفعله، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي ويقول للناس: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (?)، ويُعَلِّم الناس مناسك مناسك الحج بفعله، ويرشدهم إلى الاقتداء به، ويقول: "لتأخذوا مناسككم" (?)؛ أي: عَنِّي.
ولذا كان تعريف السنة عند علماء الأصول متضمنًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله - المتضمن للإقرار - المبين للأحكام.
وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا بالفعل؛ فهل كان مشرعًا بالترك كذلك؟
لقد ورد في السنة ما يشير إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قاصدًا الترك، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به