لأن الشرع لم يرد بعد، فصار جمهور أهل السنة إلى الوقف، لأنهم إن قالوا بحكم قيل لهم: كيف عرفتموه ولا شرع؟، فلا مناص من إثباته بالعقل، وهو محور رئيس للخلاف بين أهل السنة والمعتزلة، فليس لهم إلا أن يقولوا بأحد أمرين:

الأمر الأول: أن تلك الأفعال لا حكم لها، وهذا القول ذهب إليه جماعة.

الأمر الثاني: أن تلك الأفعال لا نعرف حكمها، لأن ذلك قبل الشرع، والأحكام لا يستدل عليها بالعقل، وهو الوقف، وإليه ذهب الأكثرون.

ومع ذلك: فالكل إذا تكلم في الفقه: كان واقعه العملي أنه يثبت حكمًا يعرفه - بغض النظر عن الحكيم أهو التحريم أم الإباحة - إذ إنه يجعل الدليل الذي يطلبه ناقلًا عنه، فمن لاحظ ذلك المعنى ممن جاء بعد - من أهل السنة - قال: لها حكم عرفناه لا من طريق العقل، بل من طريق الشرع، وهذا هو الاتجاه الثالث الذي سبقت الإشارة إليه.

فحاصل الأقوال إذن ثلالة:

القول الأول: أنها على الحظر.

والقول الثاني: أنها على الإباحة.

وهذان القولان يشملهما أن يكون الحكم عُلم بدلالة العقل أو بدلالة الشرع.

فمن قال بأحدهما من المعتزلة: فمورد الحكم العقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015