فرض صحته فلا يقول قائل أنه يستحب مصالحة العدو به، بل الحق في ذلك أن يقال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - همَّ بأمر ولم يفعله لمانع ورد التصريح به، فيدل ذلك على أن ما همَّ به النبي جائز - إذ لا يهمُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بمحرم -، ثم منع مانع من فعله لما همَّ به فيعتبر مثل هذا المانع في حقنا.
وسيأتي الكلام على حديث تحريق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة.
ولذا فإن ما يظهر للباحث هنا هو:
أن ما همَّ به النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان أمرًا يخفى ولا سبيل إلى معرفته إلا بالقول - فلا شك أن له دلالة إذا نقل، وهو بذلك من أقسام الترك الكفي؛ لأنه ترك ما هم به، علمناه من إخباره - صلى الله عليه وسلم -، وهذا النوع من الترك ينقسم إلى قسمين:
الأول: ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - مما همَّ به، وبين سبب ذلك فهذا يدخل في أنواع الترك المسبب.
الثاني: ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - مما همَّ به ولم يبين لنا سبب ذلك.