وقد ورد من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت راجمًا أحدًا بغير بيِّنة لرجمت فلانة، فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها" (?).
ففي هذا الحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر خبرًا صادقًا - ولا شك - من تصديق عويمر أو تكذيبه فجاء النعت على تصديق عويمر، ومع ذلك لم يرجمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وترك العمل بما يعلم لأجل أن الشرع لم يبح له أن يعمل بعلمه في ذلك، بل سماه بغير بيِّنة، وفي هذا دليل على أن القاضي لا يجوز له إقامة الحدود بناء على علمه، الذي هو أوثق عنده من البينات والشهود، بل كان بلا بيِّنة.
ولذا "فلا خلاف بين فقهاء المذاهب في أن القاضي لا يجوز له القضاء بعلمه في الحدود الخالصة لله تعالى كالزنى وشرب الخمر؛ لأن الحدود يحتاط في درئها، وليس من الاحتياط الاكتفاء بعلم القاضي، ولأن الحدود لا تثبت