دوحةٍ عظيمةٍ لم أر دوحةً قطُّ أعظم، ولا أحسن منها. قال قالا لى: ارق فيها فارتقينا فيها إلى مدينةٍ مبنيةٍ بلبن ذهبٍ ولبن فضةٍ. فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فدخلنا، فتلقانا رجال شَطْرٌ من خَلْقِهِمْ كأحسن ما أنت رَاءٍ، وشطرٌ منهم كأقبحِ ما أنت راءٍ. قال قالا لهم: اذهبوا فقعُوا في ذلك النهر. قال: وإذا نهر مُعْتَرِضٌ يجرى كأن ماءهُ المحض في البياض، فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوءُ عنهم فصاروا في أحسن صورةٍ. قال قالا لى: هذه جنةُ عدنٍ، وهذا منزلك. قال فسما بصرى صُعُداً، فإذا قصرٌ مثلُ الربابة (?) البيضاء. قال قالا لى: هذا منزلك. قلت لهما: بارك الله فيكما فذرانى فأدخله؟ قالا: أما الآن فلا وأنت داخله. قال قلت لهما: فإنى رأيت منذ الليلة عجباً فما هذا الذى رأيت؟ قال قالا لى: إنا سنخبرك: أما الرجل الأول الذى أتيت عليه يُثلغُ رأسه بالحجر: فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه (?)
وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الرجل الذى أتيت عليه يُشرشرُ شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه: فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وأما الرجل والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور: فإنهم الزناة والزوانى، وأما الرجل الذى أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا، وأما الرجل الكريه المرآة الذى عند النار يحُشَّها ويسعى حولها: فإنه مالك خازن جهنم، وأما الرجل الطويل الذى في الروضة: فإنه إبراهيم، أما الولدان الذين حوله: فكل مولودٍ مات على الفطرة. قال فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأولاد المشركين، وأما القوم الذين كانوا شطرٌ منهم حسنٌ، وشطرٌ منهم قبيحٌ: فإنهم قومٌ خلطوا عملاً صالحاً، وآخر سيئاً تجاوز الله عنهم. رواه البخاري، وذكرته بتمامه لأحيل عليه فيما يأتى إن شاء الله تعالى:
32 - وقد روى البزار من حديث الربيع بن أنس عن أبي العالية أو غيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ثم أتى، يعنى النبى صلى الله عليه وسلم