وتزول عنه الطمأنينة، وقد عرض عليه أربعين ألف درهم فلم يقبلها، وقال ردها إلى أربابها، وردّ المظالم إلى أهلها، واتق الله.
أكتب ذلك وفي نفسي حسرة على إهمالها وتقصيرها في الله، أقرأ كثيرا وأطلع على الأحاديث كثيرا، ومع ذلك لم أذق طعم الخوف من الله جل وعلا، وأنسى الجملة المأثورة (رأس الحكمة مخافة الله) بي إيمان ضعيف. ورغبة في الدنيا شديدة. وعلم بلا عمل كشجر بلا ثمر فاللهمَّ الطف.
أما آن لى ولأمثالي أن نرتدع وننزجر، ونخشى الله ونعمل بكتابه وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون).
أيها المسلمون إن باب التوبة مفتوح على مصراعيه، والله تعالى غفور رحيم؛ فهل أدلكم (ونفسي) على تجارة تنجيكم من عذاب أليم: تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في العمل بالدين ونصر الدين، والتحلى بآداب الدين، والعمل بشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. وهذا كتاب (الترغيب والترهيب) البحر الزاخر في المواعظ والزواجر، وقد علمتم أن صاحبه كان قدوة حسنة في عصره، فليكن لنا قدوة حسنة في عصرنا، وليكن إمامَنا وهادينا ونورنا إلى أقوال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى:
(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) ولن يصيب الأمة الإسلامية ضير مااتبعت كتاب الله عز وشأنه وسنه حبيبه صلى الله عليه وسلم والتوسل بالصالحين وحضور مجالسهم والاقتداء بأقوالهم والتبرك بزيارة الأولياء لقوله صلى الله عليه وسلم (المرء مع من أحب) يذكرني ذلك قوله تعالى:
(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) أرجو أن ننتفع، وأود أن نعمل، وآمل أن نخاف.
رحماك يا ألله رحماك، يئنّ العالمَ من أزمة وهموم، وذلك من عدم تقوى الله.
نسى المسلمون آداب دينهم، ومشوا وراء المدنية الكاذبة، وقلدوها في الشرور والفسوق وقصر العالم في إرشاده، والجاهل غفل عن تعليمه، وفشا الكذب، وساد النفاق، وعمّ الشقاق ورغب المسلمون عن سماع القرآن والسنة. واشتغل الشباب بالروايات الأفرنجية وانتشرت البدع فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فهل لك أيها القارئ أن تتوب معى إلى الله، وتنتفع بتأليف ذلك العالم الذي أخذ منه التعب كل مأخذ، وأبى أن يستريح فجلس على أرض لم يأذن صاحبها. الله. الله. الله.