كثيرة حتى تواتر ذلك على جميع أهل البلاد، وكان يأكل في كل يوم لوزتين، وكانت أمه مجابة الدعوة، وكان رضي الله عنه قد ذهب بصره في صغره فرأت أمه الخليل إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها: ياهذه قد ردّ الله على ابنك بصره لكثرة دعائك فأصبح بصيرا، وهذا صحيح، لأنه أخلص لتمحيص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شهادة الأئمة فيه
وقد قال ابن خزيمة الحافظ: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري.
وقد قال أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل.
وقد قال الأحزم: رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري وهو يسأله سؤال الصبى المتعلم.
وقد قال أبو مصعب: محمد بن إسماعيل آفقه عندنا وأبصر من ابن حنبل.
وقد قال أبو عمرالخفاف: حدثنا التقيّ العالم الذي لم أر مثله محمد بن إسماعيل البخاري وهو أعلم بالحديث من إِسحق وأحمد وغيرهما بعشرين درجة.
أيها المسلمون: إن القلوب تضاء بأنوار الله بالاطلاع على حديث رسول الله، فأرجو أن تستزيدوا منها كل يوم، وتزوّدوا بالعمل بها، واهتدوا بهديها رجاء النجاح والفلاح (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم).
(206 - 261 هـ)
مولده ونشأته: هو الإمام المحدث والبحاثة العلامة، والمقتفى أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، والراوية الأوحد، والعلم المفرد: أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم النيسابوري ولد سنة 206 هجرية، ورحل إلى العراق والحجاز والشام، وسمع من أئمتها، وقدم بغداد مرارا، وكان رحمه الله تعالى يستفيد من الإمام البخاري رضي الله عنه وناضل عنه، وشهد بسبقه وأنه وحيد دهره، وفريد عصره في الحديث، وأخذ عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وإسحق بن راهوية ومحمد بن مسلمة القعنبى، وقد جمع رحمه الله أربعة آلاف حديث أصولا دون المكررات، وتوفى رحمه الله سنة إحدى وستين ومائتين.