وهو صاحب مذهب مشهور متبوع غير الأربعة أهـ بعبارة مختصر من التقريب للنووى رحمه الله. وبمناسبة تعرضى في شرحى للأحكام الفقهية، وذكر صاحب الترغيب الأئمة ورواة الحديث أتفضل بذكر كلمة تعريفا لحقهم، وقياما ببعض واجبهم، تكون نبراسا للقارئين، وذكرى حسنة للعاملين.
(80 - 150 هـ)
مولده ونشأته: هو الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطا بن ماه، فقيه العراق وقدوة أهل الرأى، وصاحب المذهب المقضىّ به الآن في أكثر الممالك الإسلامية، وأول من فتق الفقه وفصل فصوله وأقسامه وميز مسائله ورتب قياسه. والأشهر أن أصل جده زوطا من فرس كابل، ولد سنة 80 ونشأ بالكوفة، وعاصر بعض الصحابة، واشتغل بالفقة وأخذ كل علمه عمن شافه من الصحابة ونقل عنهم، وقد كان كثير من الزنادقة في عصره يضعون الأحاديث ويقبلها منهم أهل الغفلة، فحمل أبا حنيفة شدة تورعه واحتياطه على ألا يأخذ في دينه وفقهه إلا بما لا شك عنده في صحته وتصعب في ذلك فلم يصح عنده إلا أحاديث قلائل عمل بها.
مذهبه: استنبط فقهه من القرآن واستعمال القياس والرأى، وتابعه في ذلك أكثر أئمة العراق لقلة رواة الحديث بينهم وكثرتهم في الحجاز، ولذلك امتاز فقهاء الحجاز بمتابعة السنة في أكثر فقههم وأنكروا الرأى على أهل العراق، ولكل حجة كما ترى.
زهده وورعه: وكان من أعبد الناس وأكثرهم تهجدا وقراءة للقرآن وأكثرهم ورعا وتقية وتوخيا للكسب من وجه حلّ، رغب عن وظائف الملوك والخلفاء، ورضى أن يعيش تاجر خز، وعرض عليه القضاء من قِبَل أمراء بنى أمية ثم المنصور، فأبى حتى سجنه المنصور على ذلك وآذاه، فكان يعتذر بأنه لا يأمن نفسه. قيل إن المنصور حلف ليلينّ له عملا فكفّر عن يمينه بأن ولاه تعداد الآجر في بناء مدينة السلام، وكان الناس قبله يعدون بالآحاد فعده بالقصب المكعب بعد رصفه.
وقرأ عليه الفقه علماء الكوفة وبغداد، وتخرج عليه منهما الأئمة من أصحابه كمحمد بن الحسن وأبي يوسف وزفر وربيعة الرأى ووكيع بن الجراح وغيرهم.
وفاته: مات أبو حنيفة رحمه الله ببغداد سنة 150 هـ.
مؤلفاته: وله من الكتب التى رواها عند أصحابه وتابعو أصحابه كتاب الفقه الأكبر، وكتاب العالم والمتعلم، وكتاب الرد على القدرية.