المتفائلين ينجبون أولادا متحررين من العادات القبيحة والخوف والأوهام, أما الحمقى والموهومون والسكارى فينجبون أولادا عصبي المزاج مصابين بمركب نقص، يعانون من العقد والإحساس بالضعف وعن ذلك يقول كريس مورسون: "إن الجينات جزء من خلايا الوراثة, غير أن خلايا الوراثة لا تشترك فى التكوين العام للجسم، ولكنها منعزلة ولا تسهم في أي وجه من وجوه النشاط الأقل أهمية التي تقوم بها الكائنات الحية، إن هذه الخلايا تحفظ الشبه الكامل للنوع، ويبدو أنها لا تتأثر بمسلك الوالدين إلا أن سوء الخلق، أو المرض، أو الحوادث، قد تمدها بمواد جد فقيرة لتشتغل بها. إن الوالدين القويين قد ينسلان أطفالا أقوياء، ولكن ذلك لأنه كان هناك أسلاف أقوياء، وان الوالدين قد يمنحان طفلهما مبدأ طبيعيا ليعيش فيه، أوقد يهبانه مباءة لا تصلح مكانا لنفس خالدة".
إن الأبوة والأمومة هما أعظم تبعة تقع على عاتق الإنسان والله سبحانه وتعالى يقول {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} (النور: آية 32) ، والرسول صلى الله عليه وسلم يطلب اختيار وانتقاء الزوج من النساء فيقول: "تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء" 1 وقد سئل سيدنا عمر رضي الله عنه عن حق الولد على أبيه فأجاب "أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه, ويعلمه القرآن". إن نشأة الأجيال على الطهارة والعفة والاستقامة تعتمد على الصفات التي يتوارثها الأبناء عن الآباء خلقية أو جسمية أو عقلية، وقد حثت الأحاديث النبوية على تحسين النسل بتفضيل المرأة البعيدة أو التي لا صلة قربى تربطها بالرجل حرصا على انتفاء العيوب الوراثية التي يحملها الزوجان عن الأبناء وقد أثبتت التجارب العلمية في اختبارات الذكاء صحة هذه النظرية التي تنادي بالتغرب في الزواج حتى لا يأتي نسل ذوي القرابة ضعفاء الجسم والخلق وغيرها من العيوب الوراثية.
ولأن تربية الأبناء تبدأ قبل الولادة كما قلنا فإن الأمر لا ينتهي باختبار كل من الزوجين الصحيحين لبعضهما بل لابد من تعهد الجنين فترة الحمل بتعهد الأم نفسها وإبعادها عما يسبب لها الضعف والقلق النفسي وإحسان معاشرتها ومعاملاتها لأن الحالة الصحية والنفسية للحامل تؤثر كثيرا على الجنين ولذلك يرى الدكتور (الكسيسى كاريل) : "أن للحمل قواعد يجب أن تتعلمها النساء في مدارس خاصة لذلك من حيث السلوك الذي يجب اتباعه أثناء الحمل والنواحي الغذائية التي تهتم بها والمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المولود أثناء الحمل والرضاعة من جراء إسراف النساء في التدخين وشرب القهوة والمسكرات والمخدرات"2.