ليس هناك ما هو أهم من بناء المسلم بناء قويا لأن الإنسان المسلم هو عنوان دينه وأمته. ومن ثم كانت شخصية المعلم المحور الرئيسي في بناء الأجيال. والمعلم الذي يعي واجبه ويفهم مهنته فهما صحيحا ويقوم بأعبائها عن قناعة واقتدار يؤثر في عقول التلاميذ ونفوسهم ويكون قدوة صالحة لهم.
ليس بخاف عنا أن أسلوب المعلم في التربية يخضع في المقام الأول لمدى رغبته في هذه المهنة الجليلة؛ لأنه يتعامل فيها مع العقل البشري الذي استخلفه الله في أرضه ليعمرها. إن المعلم إنسان يتعامل مع إنسان صغير ليربيه ويقومه بالتربية ويصقله بالعلم والتجربة. ومن هنا فإن مهمة المعلم ليست مهمة سهلة أو عادية. بل هي مهمة الرسل الكرام. إن رسالة المعلم في الأمة الإسلامية إنما هي امتداد لرسالة الأنبياء والصالحين فكان لا بد من الاختيار الصحيح للمعلمين قبل مباشرة العمل.
إن اختيار المعلم أمانة لأنه يتعامل مع عقول صغيرة يتولاها بالتربية والتوجيه والصيانة. وهذه العقول لا تملك لنفسها شيئًا في بداية نشأتها. ولا ريب أن تأثرها بالمعلم سوف ينطبع عليها في شبابها وفي شيخوختها. ويقوم المعلم المعلم بعدة أدوار تتداخل فيما بينها ويكمل بعضها بعضا، فله دوره كمرشد وموجه لطلابه من الناحية النفسية والاجتماعية، وله دوره كموجه للمتعلم، وله دوره في نقل التراث الثقافي، وله دوره كعضو في جماعة المدرسة فضلا عن دوره كمواطن في المجتمع.
إن مهنة التعليم تعد من أفضل وأجل الأعمال. وقد جعل الإسلام للمعلم مكانة وأهمية خاصة ودعا إلى احترامه وتقديره، فهو المسئول عن إعداد الرجال في الدولة في مختلف المواقع الدينية والسياسية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية. ولا ريب أنه إذا صلح حال المعلم صلح هؤلاء جميعا وكانوا نافعين لأوطانهم ولأمتهم. إن صلاح المعلم يكون في صلاح عقيدته وخلقه، والمعلم في ضوء التربية الإسلامية هو القدوة الصالحة.