يعتبر أسلوب المعرفة النظرية من أقدم وأشيع الأساليب المستخدمة في التربية. وهو يعتبر من الأساليب التي تقوم عليها التربية الإسلامية. وللمعرفة والعلم قيمة حقيقية في الإسلام فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون بصرف النظر عن ماذا يعلمون. وقد أشرنا في مكان آخر إلى أن الإسلام اعتبر العلم طريقا لطاعة الله وخشيته. كما سبق لنا أن بينا بالتفصيل مكانة العلم في الإسلام والمعرفة النظرية مهمة في حد ذاتها لأنها تنمي عقل الإنسان وفكره وتساعد على تكوين خلفية ثقافية تمكنه من التعامل مع مجتمعه وتساعده على القيام بدور المواطنة الصالحة فيه، ولقد تعالت الصيحات من جانب المربين يتساءلون حول جدوى المعرفة النظرية، وانتقدوا التعليم المعاصر لأنه تعليم لفظي نظري يفتقر إلى مغزاه الوظيفي والتطبيقي، وقد ترتب على ذلك عزلة التعليم عن مجتمعه ونفور الطلاب في بعض الأحيان منه وعزوفهم عنه. وقد حدا هذا الوضع ببعض المربين إلى وصف المعلمين بأنهم أناس يحاولون أن يعلموا أناسا أخرين أشياء لا يرغبون في تعلمها. وقد تكون في الأمر بعض المبالغة التي تغلف ما في هذه الدعوى من صحة. ولكن ذلك لا يقلل بأي حال من الأحوال من المعرفة النظرية. ولن يكف التعليم المدرسي في يوم ما عن تقديم هذا اللون من المعرفة لضرورته وأهميته. إن أية فكرة عملية لا بد أن تبدأ بفكرة في عقل الإنسان يفكر بالرموز. والإسلام كما أشرنا يحترم العلم وأهله ويقدرهم. كما أنه يعتبر المعرفة أساس المساءلة {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} . ولكن التربية الإسلامية في اهتمامها بأسلوب المعرفة النظرية كأحد الأساليب التي تستخدمها فإنها أيضا تؤكد أهمية الأساليب الأخرى التي تتكامل فيما بينها لتكون المنهج الشامل للتربية في الإسلام.