إن موضوع التربية الإسلامية شأنها شأن غيرها من أنواع التربية هو الإنسان لكل مقوماته الجسمية والعقلية والنفسية والوجدانية ذلك أن طبيعة الإنسان من المنظور الإسلامي تتضمن كل هذه المقومات لتحقيق حياة خلق من أجلها ورسالة كلف بأدائها. ومن ثم فإن التربية الإسلامية تقوم على أساس أن الكمال موجود بالقوة في طبيعة الإنسان، بمعنى أن الإنسان قادر على بلوغ هذا الكمال إذا ما وجد من الرعاية والعناية والتربية ما يساعده على ذلك. وتصبح الوظيفة الرئيسية للتربية في الإسلام هي الانتقال بهذا الكمال الموجود بالقوة إلى كمال موجود بالفعل يكتسبه الإنسان من خلال أساليب التربية والتنشئة التي يتعرض لها في مراحل حياته المختلفة.
ومن أهداف التربية الإسلامية أيضا تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة وهو هدف تتزن فيه أسس التربية الإسلامية كما سيتضح من كلامنا عن هذه الأسس فيما بعد. وتقوم التربية الإسلامية على أساس الواقع المادي والروحي للإنسان دون اقتصار على جانب واحد فقط. فهي لا تريد أن يعيش الإنسان في السماء وهو في الأرض، ولا تريد كذلك أن يعيش منغمسا في الحياة الأرضية المادية وحدها لأن في كيانها وجودا روحيا. فعالمه أوسع من عالم الحياة المادية الأرضية وحدها وأوسع من الحياة السماوية الروحية وحدها كذلك. "مقداد يالجن: ص45".
إن التربية الإسلامية في اهتمامها بالواقع المادي والدنيوي للإنسان تسعى إلى الاهتمام بالجانب الروحي على قدم المساواة. وتهدف من رواء ذلك إلى أن تمتد بحياة الإنسان إلى ما هو أبعد من حياة الأرض قصيرة الأجل وتعده لحياة سعيدة أبدية في الدار الآخرة.
وتهدف التربية الإسلامية إلى تنشئة الإنسان الذي يعبد الله ويخشاه، فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وطريقة عبادة الله وخشيته إنما تكون بالعلم، فإنما يخشى الله من عباده العلماء. والعلم هو سبيل التقوى الصحيحة إلى معرفة الله عز وجل، ولذلك حث الإسلام على العلم والسعي في طلبه وفضل أهله على غيرهم ورفعهم درجات. ومن ثم يرى