...
الفصل الثاني: أهداف التربية الإسلامية وأسسها وأساليبها
تعتبر كلمة التربية بمفهومها الاصطلاحي من الكلمات الحديثة التي ظهرت في السنوات الأخيرة مرتبطة بحركة التجديد التربوي في البلاد العربية في الربع الثاني من القرن العشرين. ولذلك لا نجد لها استخداما في المصادر العربية القديمة. وما كانت تستخدمه هذه المصادر هي كلمات مثل "التعليم" و"التأدبيب" و"التهذيب" وهي مرتبطة بالتربية كما نفهمها اليوم أوثق الارتباط وقد وردت كلمة "التربية" عند ابن خلدون بمعنى التنشئة في كلامه في المقدمة عن مراتب الملك والسلطان والألقاب. "مقدمة ابن خلدون: ص235".
وترجع كلمة التربية في أصلها اللغوي العربي إلى الفعل "ربا" "يربو" أي نما وزاد. وفي التنزيل الحكيم {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} أي نمت وزادت لما يتداخلها من الماء والنبات. وتقول رباه بمعنى نشأه ونمى قواه الجسدية والعقلية والخلقية. وفي التنزيل الحكيم {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} ... {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} .
وقد كتب الذين ألفوا عن التعليم في الإسلام من المتقدمين عن أغراض التعليم، ونقل عنه المحدثون وتناولوه في كتابتهم عن أغراض أو أهداف التربية الإسلامية. وبعضهم يجمل الكلام عن هذه الأهداف فيركزها في الهدف الديني الذي يقوم على تعلم القرآن ومعرفة العبادات المفروضة، أو بعبارة أخرى: معرفة الدين علما وتطبيقا. وهذا هدف كبير يمكن أن يشمل التربية الإسلامية كلها باعتبار الدين الإسلامي دينا ودولة، وبعضهم ولا سيما المحدثون يفصلون هذه الأهداف إلى أهداف دينية وعقلية وثقافية ونفسية "أسماء فهمي: 1947" وبعضهم يقسمها إلى أهداف دينية وعقلية واجتماعية ومادية "خليل طوطح: ص352".