أو أنها ضد الانفتاح الفكري والثقافي للعالم الإسلامي على تجارب وعلوم المجتمعات الأخرى، لأن العالم الإسلامي كما هو معروف بلغ قمة ازدهاره بانفتاحه على الثقافات الأخرى.
ثانيا: أن الرحلة في طلب العلم كانت دائما سمة مميزة لسلفنا الصالح من علماء المسلمين، والأمثلة على ذلك لا يعيها الحصر، فقد كان العلماء يرتحلون في طلب العلم سنين طويلة يتلقونه على أهله وثقاته. قد يقال إن سلفنا كان يتلقى العلم عن أيدي علماء المسلمين فالمسلمون يتعلمون عن المسلمين وهذا صحيح إلا أن تراثنا الإسلامي لم ينكر تلقي العلم وأخذه على يد غير المسلمين من العلماء أو أن يرتحل في طلبه إلى أقاصي البلاد "اطلبوا العلم ولو في الصين" بل إن الرسول عليه السلام قبل أن يعلم الكفار واليهود أبناء المسلمين، وكان يفك أسر من يعلم منهم عشرة من صبيان المسلمين كما هو معروف. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجد غضاضة أو حرجا في الاستعانة بخبرة دليل مشرك هو عبد الله بن أريقط ليدله على الطريق أثناء هجرته هو وأبي بكر من مكة إلى المدينة.
ثالثا: أن العلم لا وطن له وحيثما يزدهر نوع من العلوم التي يحتاج إليها المسلمون لتضيف إلى قوتهم فإنه ينبغي أن يحرصوا على تحصيلها، وإذا كان من يتعلم لغة قوم يأمن شرهم فإن تحصيل علومهم من باب أولى إذا كان فيها ما يخدم مصالح المسلمين في إطار الإسلام الصحيح. قال صلى الله عليه وسلم: "الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها".
رابعا: أن التخوف من فتنة طلاب البعثات الدراسية أو فرض القيود عليها إنما تكون بوضع الضمانات التي تكفل تحقيق الأهداف التي تنشدها منها. وفي مقدمة هذه الضمانات حسن اختيار العناصر الصالحة من الطلاب وتوفير الرعاية المالية والاجتماعية لهم أثناء دراستهم وتوفير المكان المناسب والمرتب المناسب لهم بعد عودتهم. هو ما أشارت إليه التوصيات فيما بعد. وأعتقد أن هذه هو الطريق الصحيح لحسن توجه بعثاتنا الدراسية إلى الخارج.
وهذه الملاحظات لا تقلل بالطبع من أهمية التوصيات التي تعتبر بحق نقطة