...
الفصل الثاني عشر: الاتجاهات التربوية في العصر الحديث
شهدت البلاد العربية في العصر الحديث عدة اتجاهات تربوية هامة من أبرزها:
1- اقتباس النظم التعليمية الحديثة:
ترتب على إهمال العثمانيين للتعليم في الدول العربية أن ركدت المدارس وذبلت. وقد انسحب ذلك على التعليم الديني الذي تخلف بصورة واضحة عما كان عليه من قبل من عنايته بالعلوم العقلية إلى جانب العلوم النقلية. وانتهى الأمر بالتعليم الديني أن تركزت عنايته على العلوم النقلية في أضيق نطاق.
وعندما أرادت الدول العربية مع بدء اليقظة الوطنية إرساء قواعد نهضتها كان من أهم ما انتهت الأنظار هو "ميدان التعليم" وفي ظل الوضع الذي كان عليه حال معاهد التعليم التقليدية في البلاد العربية والإحساس بأنها لا تفي بمطالب الحياة الجديدية اتجهت الجهود إلى اقتباس النظم التعليمية المتقدمة في أوربا ولا سيما فرنسا. وقد ضربت الدولة العثمانية نفسها مثلا للبلاد العربية باقتباسها لنظم التعليم الفرنسية في محاولة تطوير العلم بها.
وكانت مصر وهي أول دولة عربية انفصلت عن الدولة العثمانية أول من طبق هذا النظام المقتبس من المدارس الفرنسية، وكان هذا بداية لثنائية تعليمية تتحدى حركات الإصلاح. وكانت الصخرة التي أعيت ناطحيها, واستمرت فترة طويلة من الزمن حتى سنة 1961 عندما نظم التعليم الديني في مصر. وقد ارتبط اقتباس النظم التعليمية بإرسال البعثات التعليمية إلى فرنسا ليعمل المبعوثون بعد عودتهم بالتدريس في هذه المدارس والاشتغال بترجمة الكتب في المواد المختلفة اللازمة لها. وكان رفاعة رافع الطهطاوي رائد حركة الترجمة والنشر وكان له فضل كبير فيها كما أشرنا.