السيوطي أسفه أخيرا بقوله: "فيا ليت أولئك الذين لم يجوزوا قلة المجتهدين في عصر ونقصهم عن عدد التواتر يقومون من قبورهم فينظرون إلى هذا الزمان".

وقد ألف بعض علماء المسلمين كتبا عن التجديد والمجددين في الإسلام، فألف السيوطي "القرن العاشر الهجري" "تحفة المهتدين في بيان أسماء المجددين" وهي منظومة. وله كتاب منشور مخطوط منه نسخة في دار الكتب المصرية بعنوان "التنبئة بمن يبعث الله على رأس كل مائة". وللحافظ ابن حجر كتاب "الفوائد الجمة فيمن يجدد الدين لهذه الأمة". وهذه مجرد أمثلة.

ويعتبر علماء المسلمين الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز المجدد الأول في الإسلام على رأس المائة سنة الأولى. وعلى رأس المائة الثانية هارون الرشيد والإمام الشافعي. وعلى رأس المائة الثالثة المقتدر بالله مع ابن شريج القاضي البغدادي. وعلى رأس المائة الرابعة القادر بالله مع أبي حامد الإسفراييني. وعلى رأس المائة الخامسة المستظهر بالله مع حجة الإسلام الإمام الغزالي ... وهكذا. وكان من طلائع المجددين في العصر الحديث محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية وجمال الدين الأفغاني وتلميذه الأستاذ الإمام محمد عبده في مصر.

وقد يفضل بعض علماء المسلمين مجددا آخر، ويرجحون عليه مثل ما فعله السبكي في طبقات الشافعية عندما فضل ابن شريج الفقيه الشافعي على أبي الحسن الأشعري المتكلم المعروف. في حين فضل ابن عساكر أبا الحسن الأشعري ورجحه على ابن شريج. وقد يتعدد المجددون في القرن الواحد، ولكل منهم ميدانه العلمي الذي يشتغل به. ويتفق المسلمون على اختيار واحد منهم. وإذا لم يحدث هذا الاتفاق فقد يكون هناك أكثر من مجدد واحد.

وقد يقول أحد علماء المسلمين برأي جديد لم يسبق له، أو قد يرجع أو يعدل عن رأي قديم له. وهذا يرجع إلى تغير الزمن، أو تغير الأحوال الظروف، أو تطور الرأي. وهي سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا.

ونحن في محاولة البحث عن التجديد والسعي إليه ينبغي ألا نجري وراء الأمم الأخرى لتقليدها، لأننا بذلك نكون قد ابتعدنا أو نبذنا نموذجنا الحضاري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015