كتاب القابسي كما أن المتأخرين من دارسي الزرنوجي قد اعتبروا كتابه ذا أهمية تربوية ونفسية. ويتضح ذلك من آرائه التربوية التي أشرنا إلى بعضها في هذه الكتاب والتي تدل على سعة أفقه وعمق تفكيره إلى جانب خبرته وتجاربه.
ويلاحظ أن من ألف في التعليم من المتأخرين اعتمد بصورة أساسية على تلخيص آراء المتقدمين وأحيانا بدون ذكر المصادر التي أخذوا عنها. فالقابسي في رسالته المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين نقل كثيرا من آراء ابن سحنون أول من ألف في الموضوع "رسالة آداب المعلمين" والغزالي نقل عن ابن مسكويه في تهذيب الأخلاق. والعجب أن ابن مسكويه في تهذيب الأخلاق نقل عن بروسين وعن الإغريق. وشمس الدين الإنبابي في رسالته "رياضة الصبيان" نقل أيضا عن ابن مسكويه. وشيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري في كتابه "اللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم" نقل عن الغزلي. وهكذا كان الخلف ينقل عن السلف. كما لم يجد علماء المسلمين حرجا في النقل عن الإغريق وفي مقدمتهم أرسطو الذي لقبوه بالمعلم الأول.
وسنتناول تفصيل الكلام عن بعض مشاهير علماء المسلمين الذين تحدثوا عن التربية والتعليم واهتموا بدراسة الموضوع دراسة تحليلية تفصيلية فيما بعد عند الكلام عن أعلام التربية في الإسلام.