على مر الزمان وكون معها وحدة عضوية متجانسة، وقد ساعد على ذلك وحدة الأرض والتاريخ والآمال والانتماء المصيري.

وهكذا يتضح أن كلمة عرب بمعناها الواسع لا يقصد بها أساس عرقي عنصري وإنما مفهوم ثقافي يطلق على الشعوب والأقوام التي دخلت الإسلام وانصهرت في بوتقة الثقافة العربية من خلال الإسلام واتخذوا اللغة العربية ميراثا مشتركا واكتبوا بها مؤلفاتهم في مختلف العلوم والفنون والآداب في عصر ازدهار الإسلام.

إن التمييز الحادث بين العروبة والإسلام لا يمكن أن نفهمه إلا من خلال النظرة الفاحصة المتمهلة للأصول التاريخية التي يكون بها العالم الإسلامي. إن الإسلام في جوهره الأساسي لم يقم على دعوة عنصرية عرقية كاليهودية مثلا التي يدعي أبناؤها أنهم شعب الله المختار وإنما كان الإسلام للناس كافة. ومن هنا كان لا بد أن يمتد الإسلام خارج جزيرة العرب كما قلنا. وكان حملة لوائه هم العرب أنفسهم لأنه جاء قرآنا عربيا بلسانهم وعلى يد نبي عربي من جلدتهم. وهكذا كان المد الديني والإسلامي مقترنا بالمد الثقافي العربي. وكان هذا المد هائلا وشمل مختلف أرجاء المعمورة ولكن النتيجة لم تكن واحد بالنسبة لكل أرجاء العالم الإسلامي. ذلك أنه حيثما تم انصهار الشعوب في بوتقة العروبة والإسلام تكونت الثمرة الناضجة التي تمثل الآن ما يعرف بالعالم العربي، أما حيثما لم يكتمل الانصهار في بوتقة العروبة والإسلام انحسر مد العروبة لكن بقي مد الإسلام وهذه المناطق تعتبر ثمرة لم تنضج بعد. وقد ترتب على هذا الوضع وجود تمييز درج الناس عليه بين العالم العربي والعالم الإسلامي ومثل هذا التمييز أوجد كثيرا من البلبلة في العقول. وإذا أردنا أن نضع الأمور في مكانها الصحيح قلنا العالم الإسلامي الناطق بالعربية والعالم الإسلامي غير الناطق بالعربية. ولو تصورنا أن العالم الإسلامي غير الناطق بالعربية أصبح يتحدث العربية لاختفى هذا التمييز، ومن هنا يمكن أن نفهم الوحدة الإسلامية الحقيقة. إن انضمام الصومال وموريتانيا إلى عضوية الجامعة العربية حدث له معناه وفحواه، وهو يؤكد القضية التي نحن بصددها ونتمنى أن نرى العالم الإسلامي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015