يحتل المعلم مكانة رئيسية في التربية الإسلامية اقتداء بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم معلم هذه الأمة فيما رود عنه قوله: "إنما بعثت معلما". فالمعلم عنصر رئيسي وهو أحد الأركان الرئيسية للعملية التعليمية. ولذلك أوجب المربون المسلمون أن يؤخذ العلم من شيخ لا من كتاب وسموا من يأخذ من صفحات الكتب فقط صحفيا.
ولم يعولوا عليه وكرهوا "تمشيخ" الصحيفة، أي أن يحتل الكتاب مكانة الشيخ والأستاذ. وقد سبق أن أشرنا إلى كلام ابن خلدون في هذا الصدد والذي يقول فيه: "إن البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما يتحلون به من المذاهب والفضائل تارة عملا وتعليما وإلقاء وتارة محاكاة وتلقينا بالمباشرة إلا أن حصول الملكات عن المباشرة والتلقين أشد استحكاما وأقوى رسوخا. فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون تكوُّن الملكات ورسوخها". وهكذا يؤكد ابن خلدون على أهمية تلقي العلم من المعلم مباشرة.
وروي عن سلمان الفارسي أنه كتب إلى أبي الدرداء "إنما مثل المعلم كمثل رجل عمل سراجا في طريق مظلم ليستضيء به من مر به وكل يدعو إلى الخير" وهناك كثير من الأمثلة التي تعلي من شأن المعلمين وتضعهم في مكانة محترمة لائقة بالمهنة الشريفة التي ينتمون إليها. ويروي الثعالبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "خير الناس وخير من يمشي على جديد الأرض المعلمون". ويؤكد الغزالي أهمية الاشتغال بالتعليم، ويعلي من قدر أصحابها ويعظم من شأن وخطر المسئولية الملقاة عليهم، وفي ذلك يقول الغزالي:
"فمن علم وعمل بما علم فهو الذي يدعي عظيما في ملكوت السماوات فإنه كالشمس تضيء لغيرها، ومن اشتغل بالتعليم فقد تقلد أمرا عظيما وخطرا جسيما". والمعلم في نظره "متصرف في قلوب البشر ونفوسهم" وهو "يمارس أشرف الصناعات بعد النبوة". ويقول الغزالي: "إن أشرف مخلوق على الأرض هو الإنسان وإن أشرف شيء في الإنسان قلبه والمعلم مشتغل بتكميله وتطهيره وسياقته إلى القرب من الله عز وجل".
وقد دافع الجاحظ عما يتهم به معلمو الكتاب من الحمق حتى ضرب بهم