محبة العلم دين يدان به تكسب المرء الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته. ومنفعة المال تزول بزواله، والعلم حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا العلم وعلموه الناس" وقال عليه الصلاة والسلام: "تعلموا العلم فإن تعلمه لله حسنة، ودراسته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه عبادة وتعليمه صدقة وبذله لأهله قربة". وروي عن سلمان الفارسي أنه كتب إلى أبي الدرداء: "إن العلم كالينابيع يغشى الناس فيختلجه هذا وهذا فينفع الله به غير واحد، وإن حكمة لا يتكلم بها، جسد لا روح فيه، وإن علما لا يخرج، ككنز لا ينفق، وإنما مثل العلم كمثل رجل عمل سراجا في طريق مظلم يستضيء به من مر به وكل يدعو إلى الخير".

وقد ورد عن هارون الرشيد أنه قبل الجزية كتبا. كما أن المأمون دفع وزن ما ترجم ذهبا. وهذا دليل واضح على اهتمام خلفاء المسلمين بالعلم وتقديرهم لأهميته. وما هذه إلا أمثلة معدودة من أمثلة أخرى لا حصر لها أردنا بها أن نؤكد حرص الإسلام على العلم وتقديره لقيمته وقيمة المشغلين به.

ومن مظاهر اهتمام المسلمين بالعلم الارتحال في طلبه، فقد كان العلماء ينتقلون من مكان إلى آخر استزادة في العلم ونشرا له. وسنفصل الكلام عن هذه النقطة عند كلامنا عن الرحلة في طلب العلم. وكما يجب على المتعلم أن يلح في طلب العلم يجب على صاحب العلم ألا يخفيه عن الناس يقول، تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار" وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا العلم أهله فإن في ذلك فساد دينكم والتباس بصائركم". كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى تحبيب الناس في التعليم، فقال: "علموا ويسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015