وهذا استدلال وتوجيه ومخاطبة لعقل الإنسان، وهو ما يسمى عند الأصوليين بالسبر والتقسيم، وعندما سمع هذه السورة جُبير بن مطعم قبل إسلامه تأثر بها، وكانت دعوة مؤثرة قوية حملته على الإسراع إلى الإسلام، حيث قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} كاد قلبي أن يطير للإسلام"1.

قال الخطابي: كأنه انزعج عند سماع هذه الآية لفهمه معناها، ومعرفته بما تضمنته، ففهم الحجة فاستدركها بلطيف طبعه2.

فالاهتمام بحفظ العقل والعناية به أمر هام، وليس هناك ما يمنع من ذلك، بل العناية به آكد، لأن العقل السليم يتأثر بالنقل الصحيح، ولذلك لا بد من المحافظة عليه من المؤثرات الفاسدة.

والتربية الإبداعية هي التي تهتم بحفظ العقل من الزيغ والافتتان باللهو والهوى، كما تجنبه ما يهدم العقل من علوم فلسفية وكلامية. ومن جانب آخر تتطلع التربية الإسلامية إلى تنمية الجانب الإبداعي بما يجعل الفرد يُحسن تدبير أموره، ويبدع في مهنته ويرقى بها، حتى يكون أكثر إنتاجاً وأدق عملاً في أقصر وقت وبأقل تكلفة وجهد، وهذا يتطلب عناية بجانب الابتكار، وهو ما سوف يبينه هذا البحث من خلال عناية التربية الإسلامية بالتربية الإبداعية، وحفظ العقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015