لأن المرء يلمح الكثير من الناس في شؤون الإدارة، أو حتى في المذاكرة والدراسة من يرتب قضاياه المتعلقة بذلك ترتيباً لا يشعر فيه بحسن تحديد الأوائل والأواخر والأواسط، وهذا نتيجة التربية التي لم تولد عند المتربي الاهتمام بالتصنيف التصاعدي حسب الأهمية، وحسب الارتباط، مما قد يولد عند الفرد التشتت الذهني، وعدم الاكتراث بحسن التدبير.
ولذلك فإن من جملة التعامل مع الحقائق ترتيب الأولويات في القضايا التي تحتاج إلى معالجة، وهذا الترتيب لا ينبع إلا من إدراك عميق لطبيعة القضايا والظرف العام الذي تجري فيه المعالجة1 ففي مجال الدعوة التي تحتاج إلى فقه ترتيب الأولويات إذا فقدها الشخص، قد لا ينجح في التأثير على المدعوين.
ومنهج التربية الإسلامية مبني على ترتيب الأولويات، كما قالت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – في نزول القرآن الكريم: "…إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبداً. ولو نزل لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبداً…"2.
وقد سُئل صلى الله عليه وسلم: "أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده"3. وسأله رجل: "أي الإسلام خير؟ قال: أن تطعم