قال البخاري في باب: الأغتباط بالعلم والحكمة: وقد تعلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كبر سنهم (?) .
قلت: والشأن كان عندهم في طلب العلم صغر السن؛ للأثر المشهور التعلم في الصغر كالنقش في الحجر قيل: من كلام علي، وقيل: من كلام الحسن، وما تعلم ابن عباس وعلي إلا في صغرهما.
وقال بعض الشيوخ كما في روضة الأعلام لابن الأزرق الغرناطي: تعليم الكبير آكد من تعليم الصغير، ولا يقول الكبير: لا أتعلم لأني لا أحفظ، لأن الصحابة تعلموا وهم كبار شيوخ، وكهال، واشتغلوا بالعلم فكانوا بحورا اهـ.
وفي سراج الملوك للطوطوشي: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون شيوخا وكهولا وأحداثا. وكانوا يتعلمون العلم والقرآن والسنن، وهم بحور العلم، وأطواد الحكمة والفقه، غير أن العلم في الصغر أرسخ أصولا وأبسق فروعا اهـ.
ذكر البخاري عن عمر رضي الله عنه أنه قال: تعلموا قبل أن تسودوا (?) . ونقل عياض عن بعض العلماء: أي أن تتزوجوا، لئلا تشغلكم أزواجكم وبيوتكم عن ذلك.
بوّب البخاري (?) في صحيحه: باب التناوب في العلم، فذكر فيها قول عمر: كنت أنا وجار لي من الأنصار، نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينزل يوما وأنزل يوما. فإذا نزلت يوما جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي. وإذا نزل فعل مثل ذلك. قال الحافظ: وفيه أن الطالب لا يغافل في أمر معاشه ليستعين على طلب العلم، مع أخذه بالحزم في السؤال عما يقوله يوم غيبته، لما علم من حال عمر أنه كان يتعانى التجارة إذ ذلك اهـ.
بوّب البخاري (?) على هذا القدر بقوله: باب تعليم الرجل أمته وأهله، فذكر فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: في الثلاثة الذين يؤتون أجرهم مرتين، ومنهم رجل كانت عنده أمة فأدبها