وقال القاري في شرح المشكاة على قوله: كنا نسمّى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم السماسرة، وهم الآن المتوسطون بين البائع والمشتري لإمضاء البيع، جمع سمسار. وهو في الأصل: القيم على الشيء الحافظ له، ثم استعمل في المتوسط، وقد يطلق على المقوم. فسمانا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم هو أحسن من اسمنا الأول، قيل: لأن اسم التاجر أشرف من اسم السمسار في العرف العام، ولعل وجه الحسن أن السماسرة تطلق الآن على المكاسين، أو لعل هذا إسم في عهده عليه السلام كان يطلق على من فيه نقص، والأحسن ما قاله: الطيبي وذلك أن التجارة عبارة عن التصرف في رأس المال طلبا للربح، والسمسرة كذلك لكن الله تعالى ذكر التجارة في كتابه غير مرة على سبيل المدح، كما قال تعالى:
هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ [الصف: 10] وقوله: تِجارَةً عَنْ تَراضٍ [النساء: 29] وقوله: تِجارَةً لَنْ تَبُورَ [فاطر: 29] اهـ ولعله أيضا أراد قوله: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ [النور: 37] تنبيها لهم بهذا الإسم، على أن يكونوا موصوفين بهذه النعوت، خصوصا وفي هذا الإسم إيماء إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة: 11] الآية اهـ وسمّى السوق سوقا لنفاق السلع فيه قاله في المدخل.
البزّ نوع من الثياب، وقيل: الثياب خاصة من أمتعة البيت، قاله في المصباح وفي الصحيح: باب التجارة في البز وغيره. قال ابن العربي: إنما بوّب البخاري على التجارة في البز ردا على الذين يكرهون التوسعة في الدنيا، ويقولون: يجزي الثوب الخلق، والثوب الواحد.
واخرج الخطيب عن أبي هريرة رفعه: عليكم بالبزّ فإن صاحب البز يعجبه أن يكون الناس بخير وفي خصب.
واخرج الطبراني في الكبير عن ابن عمر رفعه: لو أذن الله لأهل الجنة في التجارة لا تجروا في البز والعطر. أوردها في جمع الجوامع.
«فمنهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، قال ابن قتيبة في المعارف في صنائع الأشراف: كان عثمان بزازا وقال ابن عبد البر: جهز عثمان جيش العسرة تسعمائة وخمسين بعيرا وأتم الألف بخمسين فرسا وعن قتادة قال: حمل عثمان على ألف بعير وسبعين فرسا اهـ وكل ذلك مما اكتسب من المال بحرفة البزازة إذ لم يكن يحترف بغيرها.
ومنهم طلحة بن عبيد الله ذكر ابن قتيبة في المعارف وابن الجوزي في التلبيس: أنه كان بزازا.
وذكر الزبير بن بكار أنه سمع سفيان بن عيينة يقول: كانت غلة طلحة بن عبيد الله