قلت: صدقت فراسة عمر في هذه الأمة، فإنها لما تركت التجارة بطرقها المشروعه المرغوبة، وأساليبها الناجحة تلقفها الغير فأصبحت الأمة عالة على غيرها، رجالنا على رجالهم، ونساؤنا على نسائهم في كل شيء. من الإبرة والخيط إلى أرفع شيء وأثمنه. وما ذكره ابن الحاج عن بعض السلف ولم يسمه هو سفيان. فقد أخرج الخطيب عن محمد بن عبد الوهاب البسكري قال: كان سفيان إذا رأى هؤلاء النبط يكتبون الحديث بغير وجهه يشتد عليه، فقلت له: يا أبا عبد الله نراك إذا رأيت هؤلاء يكتبون العلم يشتد عليك. قال:

كان العلم في العرب وسادة الناس، فإذا خرج من هؤلاء وصار في هؤلاء يعني النبط والسفل غيّروا الدين.

وأخرج أيضا عن سفيان بن حسين قال: قدم على الأعمش بعض السواد فاجتمعوا إليه فأبى أن يحدثهم، فقيل له: يا أبا محمد لو حدثتهم؟ فقال: من يعلق الدرر على الخنازير. قال السيد السمهودي في جواهر العقدين: فيه الإشارة إلى أن الحكمة لا توضع في غير أهلها.

باب ايثار الصحابة التكبير في الخروج للتجارة

بوّب الترمذي (?) في جامعة باب: ما جاء في التبكير بالتجارة. حدثنا يعقوب ابن إبراهيم الدورقي، حدثنا هشيم حدثنا يعلى بن عطاء عن عمارة بن حديد عن صخر الغامدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لأمتي في بكورها، قال: وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم أول النهار. وكان صخر رجلا تاجرا، وكان إذا بعث تجاره بعثهم أول النهار، فأثرى وكثر ماله. وفي الباب عن علي وبريدة وابن مسعود وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر.

وحديث صخر الغامدي حديث حسن ولا نعرف لصخر الغامدي غير هذا الحديث اهـ.

قلت: «حديث الّلهم بارك لأمتي في بكورها» (?) خرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان من حديث صخر وقد اعتنى الحافظ المنذري بجمع طرقه فبلغ عدد من جاء عنه من الصحابة نحو العشرين نفسا. وانظر باب الخروج بعد الظهر من فتح الباري في كتاب الجهاد.

باب أمر عمر بالسعي وحضه الناس على التكسب

سياتي قوله لاهل اليمن: إنما التوكل رجل ألقى حبه في الأرض وتوكل على الله، وفي كتاب مناقب عمر لابن الجوزي؛ عن محمد بن سيرين عن ابيه قال: شهدت مع عمر بن الخطاب المغرب فأتى علي ومعه رزيمة (تصغير رزمة وهي الكارة من الثياب) فقال ما هذا معك فقلت رزيمة أقوم في هذا السوق، فاشترى وأبيع فقال: يا معشر قريش لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015