الترجمة للخزاعي والزيادة والاستدراك كلها من زياداتي (?) .
وقد عملت على الكتابة في هذا الموضوع بلسان يناسب روح العصر وقلم يرمي إلى ترجيح مهيع الاختصار، والاقتصار على الأرجح، والأفيد من غير خروج عن الموضوع.
وقد كنت فيما مضى وانقضى شديد التطلب لهذا الكتاب تخريج الدلالات العظيم الشأن الذي اهتم به مؤلفه بما لم يهتم به أحد قبله ولا بعده فيما نعلم، وهو تدوين المدنية الإسلامية على عهد تأسيسها الأول، جازما أن صاحبه ألهم الخوض في مشروع يستلفت الأنظار، ويستوجب مزيد الشكر وأن يبقى له به أعظم تذكار، ومع ذلك أجد أن طول الزمن أخنى على مؤلفه ومؤلّفه فدفنا معا في زوايا النسيان، وألقي عليهما الإهمال بكلكله في أودية النكران، فبقيت في تشوق وتلهف للكتاب المذكور، أوالي عنه البحث والتفتيش من أقصى وادي نون إلى بلاد العريش، حتى ظفرت به في مكتبة تونس الزاهرة لما رحلت إليها سنة 1339 هـ[حوالي 1920] فأخرجته من مكتبتها بقصد الانتساخ.
وممن ساعدني على استعارته، بهجة تلك الحاضرة الذي هو فيها الشامة النادرة، الشيخ محمد طاهر عاشور قاضيها لهذا العهد، وقد عجبت أكبر إعجاب لوجود ذلك الكنز، في تلك الحاضرة الزاهرة، التي يتردد إليها كثير من أهل العلم، من أهل بلدنا ومن غيرهم ولم يحيه أحد باستنساخه وجلبه، فضلا عن نشره وطبعه. ولكن بكل أسف لم يوجد اسم المؤلف على ظهر النسخة التونسية ولا في برنامجها. ومع كوني طالما تأبطت به هنا وهناك، وأطلت الحديث عليه باحتباك، ذاكرا من ترجمه وعرف به، فلم أجد قط من يصغي إلى شيء من ذلك أو به يهتبل وينتبه، ومع كوني في هيامي به وحيدا، وسمري به وسهري فريدا، بقيت مهتما به أي اهتمام، قياما بواجب حق مؤلفه الذي خدم الإسلام، وبموضوعه الذي هو حاجتنا اليوم القصوى، ودفع ما به عمّت الأمم الإسلامية البلوى، فأقمت عليه بعد وصوله ليدي بفاس أياما وليالي، أميز أبوابه من فصوله، وأشير على رؤوس الكلام وأصوله، وأصحح ما غلط فيه ناسخه، الذي وجدته لم يعتبره ولا عرف له قيمة، ولا فهم أنه يكون مني ومن عشاق الآثار الإسلامية من أكبر الكتب القيّمة.
وقد كنت طالما طالعته وسامرته، وصاحبته معي في أسفاري وفي كل موطن منها أحضرته، أجد أنه لو نسج على منواله، واعتني بالزيادة عليه والاستدراك طبق آماله، لكان الموضوع قابلا للزيادة عند من يعتني بالإفادة والإجادة، خصوصا وقد انتشرت الكتب اليوم في الأرض طولها والعرض، وعمّ منها المشرق والمغرب ما كانت يد الظنة به قبل تغرب،