قد يكون جامدًا، والجامد لا يعمل. ولأن رتبته بعد المبتدأ، ورتبه العامل قبل المعمول، فتنافيا. ولأنه يكون فعلًا، فلو عمل في المبتدأ لكان فاعلًا. ولأن الضمير قد يكون في الصلة، فلو عمل لعمل فيما قبل الموصول. ولأن الخبر كالصفة، ولا تعمل في الموصوف، فكذلك الخبر. ولأن العامل اللفظي يؤثر في المبتدأ، والخبر لفظي، والعامل اللفظي لا يبطل بالعامل اللفظي.
وقال المصنف في الشرح- وقد حكي مذهب الكوفيين- قال: "وهو مردود لأنه لو كان الخبر رافعًا للمبتدأ كما أن المبتدأ رافع للخبر لكان لكل منهما في التقدم رتبة أصلية؛ لأن أصل كل عامل أن يتقدم على معموله، فكان لا يمتنع "صاحبهما في الدار" كما لم يمتنع "في داره زيد"، وامتناع الأول وجواز الثاني دليل على أن التقديم لا أصلية للخبر فيه" انتهى.
ورد عليهم أيضًا بان قيل: العمل تأثير، والمؤثر أقوى من المؤثر فيه، فيفضي مذهبهم إلى أن يكون الشيء قويًا ضعيفًا من وجه واحد إذا كان مؤثرًا فيما أثر فيه. انتهى ما نقلناه من الرد على الكوفيين.
والذي نذهب إليه ونختاره- وهو الذي يقتضيه النظر- قول الكوفيين في أن كلا منهما رافع للآخر، وذلك أن كلا منهما يقتضي الآخر، وما كان مقتضيًا لشيء، وليس بمستقل، فينبغي أن يكون عاملًا فيه. ونحن نرد جميع ما احتج به على بطلان هذا المذهب.
أما الرد أولًا بـ "أن كلا منهما قد يرفع غير الآخر، فيؤدي إلى إعمال عامل رفعين من غير تشريك" فهذا لا يلزم إلا لو اتحداك جهتا الرفع، أما إذا اختلفت بأن رفع أحدهما على جهة الفاعلية، والآخر على غير جهة الفاعلية،