"لن" لنفي سيفعل، فيلزم من ذلك موافقتها لـ "لا"، ولم يتعرض لذلك في باب نفي الفعل، فلا يوجب ذلك عدم جوازه، فكذلك لا يجب من تخصيص "ما" بنفي الحال امتناع نفيه بغيرها، ولكنه قصد في باب نفي الفعل التنبيه على الأولى في رأيه، والأكثر في الاستعمال". ثم قال: وقد قال س في باب عدة ما يكون عليه الكلم: "وتكون لا ضدًا لنعم". وهذا إشعار بعدم تقييدها في النفي بزمانٍ دون زمان، كما لا تتقيد نَعَمْ، لأن نعم تصديق لما قبلها ماضياً كان أو حاضراً أو مستقبلاً " انتهى كلامه. وقال المصنف أيضاً: "وهو لازم"، يعني كون المضارع إذا نفي بـ "لا" لم يتعين الحكم باستقباله. قال: "وهو لازم لـ "س" وغيره من القدماء لإجماعهم على صحة قول القائل: قاموا لا يكون زيداً، بمعنى إلا زيداً، ومعلوم أن المستثني منشاء للاستثناء، والإنشاء لابد من مقارنة معناه للفظه، ولا يكون هنا استثناء، فمعناه مقارن للفظه، فلو كان النفي بـ "لا" مخَلِّصاً لاستقبال المضارع لم تستعمل العرب "لا يكون" في الاستثناء لمباينته الاستقبال.
ومثل هذا الإجماع إجماعهم على إيقاع المضارع المنفي بـ "لا" في مواضع تنافي الاستقبال، نحو: أَتَظُنُّ ذلك كائناً أم لا تظنه؟ ومالك لا تقبل؟ وأراك لا تبالي، وما شأنُك لا تُوافق؟ ومنه قول الشاعر:
يرى الحاضر الشاهد المطمئنُّ ... من الأمر ما لا يرى الغائب
وقال آخر:
إذا حاجة ولتك لا تستطيعها ... فخذ طرفاً من غيرها حين تسبق