قضوا آجالهم، ومضوا، وكانوا ... على وجه، وأنت ستلحقينا
وقالت العرب: زيد يقوم غداً، وليس على معنى: ينوي الآن قيامه غداً، قال تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً}، المعنى على أن النفس ليست تدري ما كسبها غداً؛ ألا ترى أنها تدري ما تنوي كسبه، فإذا المنفي الآن دراية الشيء الذي تكسبه غداً.
وذهب الجمهور إلى أن المضارع يكون للحال وللاستقبال، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: وضعه لهما هو وضع المشترك كوضع "عين"، وهذا ظاهر مذهب س أنه قال: "وأما الفعل فأمثله أخذت من لفظ أحداث الأسماء، وبنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، ولما هو كائن لم ينقطع"، ثم أكد ذلك بقوله بعد "فأما بناء ما لم يقع فقولك آمراً اذهب وخبراً نذهب"، ثم قال: "وكذلك بناء ما لم ينقطع وهو كائن إذا أخبرت". فكونه ذكر أنه يبنى لهذا ولهذا دليل على الاشتراك. وكذلك قال المصنف في شرحه، قال: "ولما كان بعض مدلول المضارع المسمى حالاً مستأنف الوجود أشبه المستقبل المحض في استئناف الوجود، فاشتركا في صيغة المضارع اشتراكاً وضعياً؛ لأن إطلاقه على كل واحد منهما لا يتوقف على مسوغ من خارج، بخلاف إطلاق المضارع مراداً به المضي، وإطلاق الماضي مراداً به الاستقبال، فإن ذلك يتوقف على مسوغ من خارج، نحو: لو تقوم أمس لقمت، وإن قمت غداً قمت، فلولا "لو" و "إن" ما ساغ إعمال "تقوم" في