وإنما لم تكن همزة الاستفهام مما ينسبك معها الفعل إلى المصدر لأن ما ينسبك معه يكون معمولًا لما قبله لفظًا، ولا يكون ذلك في الهمزة وإن كانت قد تكون مع ما دخلت عليه في موضوع معمولٍ في المعنى.
وذهب بعض النحويين إلى أنها تضمر "أن" بعد ظروف الزمان في نحو: يوم يقوم زيدٌ، أي: يوم أن يقوم، لكنهم استغنوا عنها بأن أنابوها عنها لأن لظروف الزمان خصوصية بالأفعال، فلم يحتاجوا معها إلى إضمار سابك.
والصحيح أنه لا إضمار فيه لأنه لم يُلفظ به قط، وإنما هو من الإضافة للدليل لفظًا، وهم يريدون المدلول، كم صغروا الفعل وهم يريدون المدلول من المصدر في باب التعجب، وكما يعدون ما يتعدى بحرف الجر نفسه.
وقوله ومنها "أن" وتوصل بمعموليها مثاله: أعجبني أن زيدًا قائمٌ، وأحببت أن زيدًا قائمٌ، وعجبت من أن زيدًا قائمٌ، تقول: عجبت من انطلاقك، لا دليل فيه على/ وقوعه أو تحققه، فإذا قلت: عجبت من أنك منطلقٌ، دل على الوقوع والتحقق. قاله في البسيط.
وقوله ومنها "كي"، وتوصل بمضارع مقرونٍ بلام التعليل لفظًا مثاله: جئت لكي أراك. أو تقديرًا مثاله: جئت كي أراك. فإذا قُرنت باللام لفظًا تعينت المصدرية، وإذا لم تُقرن بها احتملت، وقد تكلمنا على ذلك في نواصب المضارع مُستوفي هناك.
ولا تخلو "كي" من التعليل، فهي لا تتصرف تصرف "أن"، لا تكون مبتدأة ولا مفعولة ولا مضافًا إليها ولا مجرورةً باللام ظاهرةً أو مقدرةً معها.
وقوله ومنها "ما"، وتوصل بفعلٍ متصرفٍ غير أمر. احترز بـ "متصرف"