وقوله بفعلٍ متصرفٍ احترزٌ من الجامد.
وقوله مطلقًا يعني سواءٌ أكان ماضيًا، نحو: أعجبني أن قام زيدٌ، أم مضارعًا، نحو أريد أن تقوم، أم أمرًا، نحو: أرسلت إليه بأن أفعل، فلو كان الماضي غير متصرف كـ "عسى"، أو المضارع غير متصرف كـ "يهيط"، أو الأمر غير متصرف كـ "تعلم" بمعنى اعلم على رأي الأعلم، لم يكن شيء من ذلك صلة لـ "أن" هذه، فأما قوله {وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ} {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ} فـ "أن" هي المخففة من الثقيلة لا الناصبة للمضارع.
وجميع ما استدلوا به على أن "أن" هذه توصل بفعل الأمر محتمل أن تكون التفسيرية. ويُقوي ذلك أن ذلك تقدمه شرط التفسيرية، وهو أن تكون الجملة التي قبل "أن" فيها معنى القول، نحو قوله تعالى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا}، وأشرت إليه أن قم، وكتبت إليه أن قم.
وقال/ بعض أصحابنا: "وتدخل على الأمر قليلًا، حكي س: كتبت إليه بأن قم" انتهى. وبهذا استدل على أنها المصدرية لا التفسيرية. ووجه الاستدلال أنه دخل عليها حرف الجر، والتفسيرية لا يدخل عليها حرف الجر.
ولا يقوي عندي وصل "أن" بفعل الأمر لوجهين:
أحدهما: أنه إذا سبكت من "أن" وفعل الأمر مصدرًا فات معنى الأمر