وإنما كانت صفةً للنكرة، ولم تُوصف بها المعرفة، لأنها لو أُضيفت إلى معرفة كانت بعضًا مما تُضاف إليهن وذلك لا يُتصور في الصفة إذ الصفة أبدًا إنما هي الموصوف لا بعضه، و "أيٌ" وإن لم تكن مشتقة فهي في حكم المشتق.

قال أصحابنا: وإنما أُعطيت معنى الاشتقاق لأنها في الأصل استفهام، فإذا قلت: مررت برجلٍ أي رجلٍ، فكأنك قلت: مررت برجلٍ لنباهته وكماله يُتطلع إلى السؤال عنه والعجب من أحواله، فيقال: أي الرجال هو؟ هذا أصله، ولذلك أعطيت "أيٌ" معنى الكمال، وأزيل عنها الاستفهام ليعمل فيها ما قبلها، وبقي فيها إبهام الاستفهام ليفيد معنى المبالغة في الصفة.

وقال بعض أصحابنا: "ولا يعنون بقولهم "صفة" أنها جاريةٌ أبدًا على ما قبلها، بل يُعني بذلك أنها تُستعمل على معنى الوصف، وإلا فقد تُستعمل غير تابعة، نحو قوله:

فأومأت إيماءً خفيًا لحبترٍ ولله عينا حبترٍ أيما فتى

كأنه قال: أيما فتى هو، أي: هو الممدوح بكل ما مدح به الفتيان" انتهى.

وقوله غالبًا يعني أن الموصوف النكرة قبل "أيً" يكون مذكورًا غالبًا، واحترز بذلك من حذفه في قول الفرزدق:

إذا حارب الحجاج أي منافقٍ علاه بسيف كلما هز يقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015