وأصول البصريين تقتضي جواز ذلك لأنهم لم يفصلوا، وهو الصحيح بدليل قوله تعالى {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ}؛ ألا ترى أن (خالدين) حال من الضمير المحمول على معناه، والعامل في الحال الفعل العامل في الضمير، ولا يجوز أن يكون حالًا من "من" لأن العامل في الحال لا يكون إلا العامل في ذي الحال، نحو: جاء زيد ضاحكًا، أو ذا الحال نفسه إن كان فيه معنى فعل، نحو قولك: هذا ضاحكًا زيد. ولا يجوز أن يكون العامل في الحال (من) لأنها ليس فيها معنى فعل، ولا العامل في (من)؛ لأن العامل فيها إنما هو معنى، والمعنى المجرد دون اللفظ لا يعمل في الحال، وإنما عمله الرفع خاصة" انتهى/ ما قاله بعض أصحابنا.

ومما وقع فيه الحمل على اللفظ خاصة، ولا يجوز الحمل على المعنى، قولك في التعجب: ما أحسن زيدًا! وإن كان الذي أوجب التعجب صفة مؤنثة أو صفات متعددة.

ومما وقع فيه الحمل على المعنى، ولا يجوز الحمل على اللفظ، قولهم "ما جاءت حاجتك" كأنه قال: أية حاجة صارت حاجتك.

فرع: إذا جاء العائد على لفظ الموصول دون معناه، ثم أكدته بلفظة مضافة، فحملت أولها على معنى الموصول وآخرها على لفظه، لم يجز ذلك عند الفراء، وأجازها الكسائي وهشام، ومثاله: جاءني من خرج أنفسه، جعلت العائد أولًا في "خرج" مفردًا على لفظ الموصول، ثم أكدت بـ"أنفس" جمعًا على معنى الموصول، ثم أفردت الضمير المضاف إليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015