وهو وهم كما ذكرناه.

ومن ذلك أن من شرط مراعاة ضمير المتكلم أو المخاطب أن يتأخر الخبر، فلو تقدم لم يجز إلا مراعاة الموصول، فيعود غائباً، مثاله أن تقدم الخبر في: أنا الذي قمت، وأنت الذي قمت، فإذا قدمته وجب أن يكون الضمير غائباً، فتقول: الذي قام أنا، والذي قام أنت، هذا مذهب الفراء، وهو الصحيح، وهو الذي تقتضيه أصول البصريين لأنهم يمنعون الحمل على المعنى قبل تمام الكلام، لأنه يلزم من ذلك الحمل على المعنى قبل حصول المعنى في اللفظ، ألا ترى أن الموصول إنما يكون في المعنى ضمير متكلم أو مخاطب إذا أخبرت عنه بضمير المتكلم أو المخاطب، أو أخبر عن الضمير به، وأما قبل أن يجعل أحدهما خبراً عن الآخر فلا يكون الموصول في معنى الضمير.

وأجاز الكسائي أن يعود مطابقاً لضمير المتكلم والمخاطب كحاله لو كان متأخراً، فتقول: الذي قمت أنا، والذي قمت أنت، وتبعه على ذلك الأستاذ أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني.

واحترز المصنف بقوله "عن حاضر/ مقدم" عن أن يتأخر، فإنه لا تجوز مراعاة المعنى، خلافاً للكسائي كما بيناه. ومثال قولك "أنا رجل آمر بالمعروف" قول الشاعر:

وأنا لقوم ما نرى القتل سبة إذا ما رأته عامر وسلول

ومثال: "أنت رجل تأمر بالمعروف" قوله تعالى: {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ}، وقول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015