فزعموا أنها وإن اختلفت ألفاظها فإنها ترجع إلي معني واحد. وقال آخرون: ليس منها اسم ولا صفة إلا ومعناه غير معني آخر. قالوا: وكذلك الأفعال نحو مضي وذهب وانطلق. وهو مذهب أبي العباس ثعلب. ويسمي المتضادان باسم واحد نحو الجون للأسود والجنون للأبيض. وأنكر ناس هذا المذهب)) انتهي ما لخص من كلامه.

وهذا الذي قاله هو المصطلح عليه في علم المنطق وغيره بالمتباين والمترادف والمشترك, وقد ذكر هذه س رحمه الله في أوائل كتابه في ((هذا باب اللفظ للمعاني)).

وزعم بعض النحويين أنه ليس في كلام العرب لفظ مشترك لا يعبر عن معناه إلا به, بل ما وجد من المشترك وجد لكل معني من معانيه لفظ يخصه, فالجون يخص أحد معنييه الأسود, والآخر يخصه الأبيض. قال: إلا رائحة, فهي لفظ مشترك, ولا يخص أحد معانيها إلا بالإضافة, نحو رائحة المسك ورائحة البول.

وهذا الذي إليه في ((رائحة)) علي تسليم الاشتراك غير صحيح لأن الروائح تنقسم إلي قسمين: طيبة, وغير طيبة, فالطيبة عبرت العرب عنها بالأرج والعرف والتضوع, وغير الطيبة عبر عنها بالنتن والدفر, فقد صار لهذين المعنيين ألفاظ تخصها, وأما ((رائحة)) فإنها في الحقيقة لفظ متواطئ وضع لمطلق ما يشم من طيب وغير طيب, فإذا قلت شممت رائحة لم يدل علي التقييد, وهكذا شأن شأن المطلقات, فلا تدل علي التقييد إلا بما وضع للتقييد كالإضافة, نحو رائحة المسك ورائحة البول, أو بالصفة نحو: رائحة مسكية, أو بالألف واللام/ إن دلت على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015