المستحكم، وأن الاتصال ليس بمستحكمٍ، وبعد أن ذكر أن حسبتنيه، وحسبتكه قليلٌ في كلامهم، قال س: "وذلك لأن حسبت بمنزلة كان، إنما يدخلان على المبتدأ والمبني عليه، فيكونان في الاحتياج على حال، ألا ترى أنك لا تقتصر على الاسم الذي يقع بعدهما كما لا تقتصر عليه مبتدأ، فالمنصوبات بعد حسبت بمنزلة المرفوع والمنصوب بعد ليس وكان. وكذلك الحروف بمنزلة حسبت وكان؛ لأنهما إنما يجعلان المبتدأ أو المبني عليه فيما مضى يقينًا أو شكًا، وليس بفعل أحدثته منك إلى غيرك كضربت وأعطيت" انتهى. وهذا يدل على تسوية س بين حسب وكان، وقد قدم قبل أن الكلام: كان إياه، وليس إياه، وحسبتك إياه.
وقال س أيضًا وقد ذكر: عجبت من ضربي إياك، وأن العرب قد تكلم به متصلًا، قال: "ومثل ذلك: كان إياه؛ لأن كأنه قليلة، ولم تستحكم هذه الحروف هنا، لا تقول: كأنني، ولا ليسني، ولا كأنك، فصارت إيا ههنا بمنزلتها في: ضربي إياك". ثم قال س بعد ذلك: "وبلغني عن العرب الموثوق بهم أنهم يقولون ليسني، وكذلك كأنني". فانظر لتصريح س هنا بأنك لا تقول: كأنني، ولا ليسني، ولا كأنك، وأن إياك صارت هنا بمنزلتها في: ضربي إياك. ثم قال: "وبلغني" إلى آخره. ويعني بقوله "لا تقول كانني" إلى آخره يعني: لأن كلام العرب هو بالانفصال، ولما كان الاتصال قليلًا جدًا - كما قال - لأن كانه قليلةٌ احتاجن إلى إسناد ذلك بالرواية، وأنه لم يسمع ذلك من العرب، إنما بلغه ذلك بلاغًا عن الموثوق بهم إذ كان المسموع المشهور لا يحتاج إلى استدلال، إنما يستدل على الغريب القليل.
وأعجب لهذا المصنف كيف ادعى أن الاتصال ثابتٌ في النثر والنظم، وأن الانفصال لم يثبت في غري استثناء إلا في نظم، وهذه مكابرةٌ عظيمة، س