فليس يحذف القسم إذا كان متلقى بحرف غيرهما، ك "ما" و "لا" و "إن".
وقد اختلف في نحو قولك "لزيد منطلق" من غير قسم في اللفظ: فالمنقول عن البصريين أنها ليست لام قسم بل لام ابتداء. وقال الكوفيون: هي لام قسم. قالوا: والدليل عليه أنها تدخل علي الفضلات، كقولك: لطعامك زيد آكل، وليس الطعام بمبتدأ. وحجة البصريين أن اللام إذا دخلت علي مفعول ظننت ارتفع بالابتداء، ولا يمكن تقدير القسم فيه لأن ظننت لا يلغى بالقسم، فعلم ان تعليق ظننت لتحقق الابتداء كما تعلق بالاستفهام، كقولك: علمت أيهم قائم، وأما قولهم لطعامك زيد آكل فإنما جاز لأنها في حيز الخبر؛ إذ كان معموله متقدماً عليه، فكأنها داخلة علي المبتدأ.
وقوله وعن الجواب بمعموله قال المصنف في الشرح: "ويستغنى عن الجواب بمعموله، كقوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ}، أي: لتبعثن يوم ترجف الراجفة" انتهى.
ولا يتعين ما قاله في الآية، ولا يثبت هذا الحكم بمحتمل؛ إذ يجوز أن يكون جواب {وَالنَّازِعَاتِ}، قوله: لتبعثن، حذف لدلالة ما بعده عليه، ولا يكون {يَوْمَ تَرْجُفُ} معمولاً لقوله لتبعثن، حذف لدلالة ما بعده عليه، ولا يكون {يَوْمَ تَرْجُفُ} معمولاً لقوله لتبعثن، بل منصوباً بقوله {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ}. ويجوز أن يكون منصوباً بقوله {وَاجِفَةٌ} من قوله {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ}، وكرر {يَوْمَئِذٍ} علي سبيل التوكيد.
ويحتمل أن يكون جواب القسم قوله {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ}، وحذف اللام لطول الكلام، أي: والنازعات لقلوب يومئذ واجفة، ويكون {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} {6} {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} اعتراضاً بين القسم وجوابه. ويجوز أن يكون معمولاً ل {وَاجِفَةٌ}، وسهل تقديمه كونه ظريفاً، وكون اللام التي هي في الجواب محذوفة.