وقال السهيلي: ((يحتمل أن تكون حرفا موضوعا للقسم، خص باسم الله_ تعالى_ كما خص بأشياء لا تكون لغيره)). ثم ذكر أشياء كثيرة مما اختص به هذا الاسم الشريف. ثم قال: ((ويضعف عندي أن تكون بدلا من الواو لما فيها من معنى العطف، وليس ذلك في التاء، ولسر آخر، وهو أن التاء إنما أبدلت من الواو حيث كثرت زيادتها في تصاريف الكلمة؛ كتراث وتخمة وتترى وتولج؛ لأنهم قالوا: توارث توارثا، وتواتر، واتلج يتلج اتلاجا، فكثر في التصاريف حتى قالوا: أتلج أي: أدخل. ونحو منه ريحان، قلبوا الواو ياء لكثرة انقلابها في مادة الكلمة، نحو الريح والرياح ويريح ويستريح، حتى صار كأنه من ذوات الياء، فجعلوا الواو ياء وإن لم يكن قبلها كسرو لما ذكرناه، وواو القسم لا تقلب تاء لعدم هذا الأصل)) انتهى.
وزعم جمهور النحويين أن الواو بدل من الباء، وأن الباء هي الأصل في حروف القسم، قالوا: ((وإنما أبدلت منها لأمرين:
أحدهما: أن معنى الباء قريب من معنى الواو؛ لأن الواو للجمع، والباء للإلصاق، والإلصاق جمع في المعنى.
والثاني: أنها من حروف مقدم الفم.
ولما كانت بدلا منها لم تتصرف تصرف الباء؛ لأن الفرع لا يتصرف تصرف الأصل فجرت الظاهر خاصة، ولم تجر المضمر)).
وقال بعض أصحابنا: ليست الواو بدلا من الباء؛ إذ لو كانت بدلا ما اختلفنا في الحركة، كما لم تختلف حركة الهمزة المبدلة من الواو في وشاح حين قالوا إشاح. وأيضا لم توجد قط الواو بدلا من الباء؛ لأنها ليست من مخرجها، ولما بينهما من المضادة؛ إذ في الواو لين، وفي الباء شدة.